كنعان_خاص
هنا تحدث وتبسم "عبد الكريم" .. وهنا لاعب أطفاله وقبل يدي أمه .. أما هذه الزاوية, فكان يدعو الله فيها أن يرزقه الشهادة أو الموت ساجدًا, هي سلسلة "مشاهد" أصبحت ماضيًا يستحضره أقرباء الشهيد "عبد الكريم إسماعيل رضوان" "37 عامًا", بعدما ارتقى في قصف صهيوني استهدف نقطة للضبط الميداني شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
حالة من الألم والوجع أصابت عائلة "رضوان" حزنًا على فراق الطيب والمطيع والصادق والمتسامح "عبد الكريم" -كما يصفه أصدقاؤه- .. وما زاد الحالة سوءًا؛ غياب أمه التي غادرت قطاع غزة قبل أربعة أيام متجهة إلى جمهورية مصر العربية لتلقي العلاج, في إشارة إلى أنه الثاني بعد أخيه "أحمد" الذي لم تستطع أن تودعه بعدما تحول جثمانه إلى أشلاء نتيجة قصف صهيوني طاله برفقة "6" من أصدقائه عام 2004م.
تقول أخت الشهيد "عبد الكريم" لمراسل (كنعان): "قبل أيام جلسنا مع أمي ليلة سفرها للعلاج كي نودعها .. وكان "أبو سراج" متبسمًا طوال الوقت ووجهه يوحي بأنه سيستشهد قريبًا, خاصة وأنه دعا الله بهذه الأمنية كثيرًا".
طفلة الشهيد التي لم تتجاوز الخمس سنوات قاطعت الجميع وقالت ببراءة: "الله يرحمك يا بابا وإن شاء الله بنشوفك في الجنة بخير وسلامة".
وقبل يوم من استشهاده –تضيف أخته-: "عبد الكريم ودع زوجته وطلب منها أن تسامحه وأوصاها بالصبر وتربية أطفاله, ثم خرج من بيته ليزور خالاته وعماته .. أبو سراج كان حاسس إنه بده يستشهد" .. هنا تقاطع حديث الأخت مع الخالة التي ذكرت ما حصل في نفس اليوم وقالت: "كان عندي الظهر وطلبت منه أن يتناول طعام الغذاء معي, فضحك وذهب وهو ينظر إلي .. كان يريد أن يصلي الجنازة على والد أحد أصدقائه .. بالأمس صلى الجنازة والآن يصلى عليه "رحمك الله يا عبد الكريم", دائمًا يتبع الجنائز (دموع وبكاء وحشرجة في الصوت).
وبعدما توقفت أخته وخالته اللتان انهمرت الدموع منهن عن الحديث, بدأت جارة الشهيد بالكلام, قائلة : "عبد الكريم يقدر ويحترم ويساعد الجميع, حتى الأطفال يسلم عليهم, ولا يفارق المسجد وقراءة القرآن وهو من أصحاب الخلق الرفيع, ورغم أن لديه طفل معاق وآخر مريض إلا أنه كان صبورًا ويحمد الله دائمًا".
وفي خارج المنزل حيث بيت العزاء, توقف مراسل "كنعان" مع أخ الشهيد الذي بدا محتسبًا صابرًا حامدًا لله, وقال: "هذه هي نهاية الطريق _الله يرحمه_ كان صديقي وزميلي في العمل والدراسة .. لا أحد يكرهه وخلقه طيب", موجهًا في ذات الوقت رسالة للمقاومة أن سيروا على طريق "عبد الكريم" وكل الشهداء حتى تحرير الأرض من الاحتلال.
وشيعت جماهير غفيرة من مدينة رفح ظهر اليوم جثمان الشهيد "عبد الكريم رضوان" من مسجد "طيبة" في الحي السعودي غرب المدينة, وسط هتافات تدعو المقاومة للرد على جرائم الاحتلال المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.