بقلم: ترجمة خاصة
إســرائـيــل تسـعـى لنـقـل المسـؤولـيـة عــن غــزة إلــى مصــر
بقلم: اليكس فيشمان
بعد يوم من بيان وزير الدفاع ورئيس الوزراء عن إغلاق معبر كرم أبو سالم، واصل الوقود التدفق إلى القطاع عبر المعبر، إلى جانب 200 شاحنة أدخلت إليه بضائع حيوية وعتادا طبيا. هكذا فإن التصريحات القاطعة في جهة والواقع في جهة أخرى، وخير أن هكذا.
فإعلان ليبرمان ونتنياهو كان على أي حال موجهاً إلى العقلية الإسرائيلية المريضة وليس إلى المعدة الغزية.
هكذا أيضا يضخمون عندنا الحرائق في غلاف غزة إلى حجوم القصف الشامل على لندن، فيما يشبه تخويف الجمهور حول تهديد الأنفاق.
أما الحقيقة فإنه لم يكن، في أي مرة، نفق تحت بلدة، تماما مثلما تسبب الحرائق بالأساس ضرراً اقتصادياً محدوداً، تضخمه محافل ذات مصالح إلى حجوم المصيبة الوطنية.
دولة في حالة تخويف دائم تخدم على ما يبدو مصلحة أحد ما، فليس لدولة إسرائيل أي سياسة واضحة في مسألة غزة، لديها سياسة رد فعل.
تشديد الإغلاق يفترض أن يكون الرد على استمرار الحرائق، ولكن دون قصد توجد إمكانية أن يكون هذا القرار بالذات، الذي خرج من البطن لأغراض داخلية، كأحد القرارات الأهم التي اتخذتها الحكومة في إطار العلاقات مع الفلسطينيين.
في الأيام التي ترددت فيها، هذا الأسبوع، الحكومة في مسألة الحرائق، حل ضيفاً في القاهرة وفد من غزة برئاسة وزير المالية في حكومة «حماس»، يوسف الكيالي.
ويدير المصريون في الغالب الاتصالات مع القيادة السياسية لـ»حماس» وليس مع البيروقراطية، ولهذا فإن دعوة موظف مثل الكيالي هي استثناء يمكن أن يشير إلى تطبيع ما في منظومة العلاقات الاقتصادية، التي تحاول مصر العمل عليها مباشرة مع حكومة «حماس»، في ظل تجاوز السلطة الفلسطينية.
والمصريون لا يفعلون هذا تطوعاً: فمن خلف الزيارة تختبئ الإدارة الأميركية، أو للدقة المبعوث الخاص لترامب إلى المنطقة، جيسون غرينبلت.
جلب غرينبلت معه من رحلته إلى دول الخليج تعهدا ماليا لإعادة تأهيل القطاع، ونجح في إقناع مصر بالتعاون في هذه المسألة.
وبالفعل، فإن المصريين، بخلاف موقفهم التقليدي، فتحوا معبر رفح لعبور البضائع والأشخاص، حيث مر فيه منذ بداية رمضان أكثر من 2.000 شاحنة مصرية، ولإسرائيل فقط فكرة هزيلة عن الوسائل القتالية التي أدخلت بوساطتها.
هكذا، فإن معبر رفح يزدهر رغم أنف السلطة الفلسطينية في رام الله، وإضافة إلى ذلك وعدت مصر بأنها ستستثمر أموال الدول العربية الغنية في إقامة مناطق صناعية مشتركة لغزة ولمصر في شمال سيناء، وفي إقامة مخازن وقود للقطاع على الأراضي المصرية.
المصريون من جهتهم تعهدوا بمضاعفة كمية الكهرباء إلى القطاع، والآن يتحدثون عن فتح مطار وميناء في العريش لصالح غزة.
وهكذا برز فجأة الاحتمال لتحقق الحلم الإسرائيلي القديم: نقل المسؤولية عن قطاع غزة إلى إياد مصرية.
فكلما قلت البضائع التي تمر من إسرائيل عبر كرم أبو سالم هكذا يشتد الضغط على مصر لإبقاء معبر رفح مفتوحا.
وإضافة إلى ذلك، فإن الإغراء المالي الذي يعرضه الأميركيون على المصريين لتنمية شمال سيناء يرفع الاحتمال في أن يأخذوا على أنفسهم، جزئياً على الأقل، المسؤولية عن مصير القطاع.
ومثلما في لعبة الدومينو، فإنه إذا ما سقط الحجر المصري نتيجة لإغلاق معبر كرم أبو سالم وكنتيجة للإغراء المالي الأميركي، يمكن أن يسقط أيضا حجر السلطة الفلسطينية.
فالعلاقة المباشرة بين مصر و»حماس» تبث لأبو مازن أن روافع الضغط الاقتصادي التي يمارسها على «حماس» آخذة في الضعف.
فضلاً عن ذلك، فإن سياسة العقوبات التي يتخذها ضد القطاع تقضم من مكانته في الضفة أيضا.
إن العلاقة المباشرة بين مصر و»حماس» تأتي، ضمن أمور أخرى، لإيقاظ أبو مازن وحمله على الحل الوسط مع «حماس»، فخطة المصالحة المصرية تتحدث عن عودة السلطة الفلسطينية لإدارة شؤون قطاع غزة.
إذاً، ستنقل المسؤولية عن القطاع إلى مصر، حيث سينقل المصريون إدارة القطاع إلى السلطة الفلسطينية، وهكذا تكون لديك خطة سياسية يوجد خلفها منطق وأمل ما للخروج من الورطة الغزية.
صحيح أن الأمل في أن يحصل كل هذا ليس عالياً، ولكن على الأقل توجد هنا شرارة جهد فكري، أميركي – مصري، وليس إسرائيليا، لا سمح الله.
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة كنعان الإخبارية.