شعر / عصام الشافعي
1.للفجرِ ظلَّ سلامُها يغشاني * وبومضةٍ أغرى الفؤادُ بناني
- ليتَ البنانَ قد ارعوى لا ينبري * ماذا سأكتبُ أو يقولُ لساني
- فلعلَّ قولاً لا يفي بمقامهِ *ولعلَّ عَدْوا لا يُجيدُ حصاني
- ولعلَّ حرفاً قد تمنّعَ فانزوى *ولعلَّ سحراً لا يضيءُ بياني
- فكبحتُ ألجمةَ الجوادِ لوقفهِ * كرَّ الجوادُ مهاجماً وحباني
- رغم الضنى سأظلُ دوماً فاخراً * أن الكريمَ إلى النبيِّ هداني
- ولعلني إذْ ما ذكرتُ محمداً * صلّى اللسانُ مشنفاً آذاني
- صلُّوا عليهِ وآلهِ ملء الدنى * إن الصلاةَ علامةُ الرضوانِ
- فالنورُ نورُ محمدٍوهو الذي* يسبي القلوبَ فتُسبلُ العينانِ
- أبرشفةٍ للشمسِ من أنوارهِ * صاحتْ بنا لَنْ توقفوا نيراني ؟
- أو طرفةٍ من سيدي نحو العلا * صارَ الدجى متلألئ التيجان ؟
- وترى الجبالَ على الثرى بصخورِها * كي لا يفرّ لروضةِ العدنانِ ؟
- إن الجواهرَ دُرها ونفيسها * هي بالصلاةِ كرائمُ الأعيانِ
- حُمُرُ الورودِ تشبهت ببهائهِ * هيهاتَ تشبهُ سيدَ الأكوانِ
- هذا عطاءُ المصطفى من ربهِ * سبحانَهُ من واهبٍ منانِ
- نالَ ابن سلمى بردةً نبويةً * وغدا البُصيري شاعر الأزمانِ
- جاءَ الأميرُ ببردةٍ دُريّةٍ * قاد السحابَ بمدحهِ الفتانِ
- وتوالتِ البُرَدُ الجميلةُ تزدهي* وجميعُهُمْ قد كالَ بالميزانِ
- ذاقوا جميعاً بعضَ خيطٍ من ضيا * أنوارُهُ كالنارِ للأدهانِ
- الشمسُ دوماً في الليالي تختفي *وضياؤُهُ يرعى بغيرِ عنانِ
- اللهُ ضللَ كيدَ أبرهةَ العِدى * حتى غدوا كالعصفِ للجرذانِ
- يا مكةَ الرحمنِ يا قدس العلا * بَعْدَ الجنينِ فمسكُها مسكانِ
- لو بنتُ وهبٍ ترتئي ما في الحشا * طار الفؤاد لجنة الرحمنِ
- هي قد رأتْ نوراً يبددُ ظلمةً * سقطَ الدجى وانهارَ بالطغيانِ
- الحَمْلُ يحدثُ للنساءِ تثاقلاً * ولبِنْتِ وهبٍ ريشةٌ بدهانِ
- كلُ الحواملِ تبتغيه بخشيةٍ * يومَ المخاضِ وأمُّهُ بأمانِ
- حتى إذا ظمئ الورى واستوحشوا * تواً أتى من بطنها الريانِ
- الأرضُ تجهلُ ما جرى في يومهِ * أمّا السماءُ فتحتفي بجنانِ
- الجنُ تهمسُ من يشي أخبارَها * كسرى ينادي ما دهى نيراني
- إبليس ولولوالأبالسُ حولَهُ *جاء الهدى فأطاحَ بالشيطانِ
- الجدبُ أزهرَ والغوائرُ رَقرَقَتْ * والجَورُ باتَ مهدَّم الأكنانِ
- والظلمُ قد أخفى الذوائبَ مسرعاً * أمُّ القرى في حضنها القرآني
- يا قومَ سعدٍ كم سعيدٍ باسمٍ * وغدت حليمةُ سعدُها سعدانِ
- إن اليتيم مباركٌ فديارهم * بقدومِهَ كالجنةِ الأفنانِ
- نادت حليمةُ زوجَهَا نِعْمَ الفتى * أمثاله ما شاهدت عينانِ
- بيضُ الغمامِ يُظلُّهُ بنسائمٍ * تشدو الورى من أعذب الألحانِ
- وديارُ سعدٍ لم تزل حتى أتى * وحيُ السماء لصدره الرباني
- يا ويحَ سعدٍ قد تُفَارِقُ سعدَها * سكن الأسى بمعاقد الأجفانِ
- بَكَتِ الربوعُ لفقدِهِ بنواظرٍ * لم تستكنْ وتموج بالطوفانِ
- عادت لمكة َعينُها بعد الجفا * حتى الجبالُ تعجُّ بالخفقانِ
- حولاً يرافقُ أمَّه وبقربهِ * هَزَمتْ هرقلَ وصاحبَ النيرانِ
- شاءَ الإلهُ وبنْتُ وهبٍ ترتقي * والعينُ ترسلُ درةَ الأشجانِ
- دمع اليتيم كأنما من وجدهِ * بكت السما وتفطر القمرانِ
- تركت منارة قلبِها وترجلتْ * ليحوطَهُ بالرَوْحِ والرَّيحانِ
- أيدي المنون عليمةٌ فإذا أتتْ * لم تكترثْ بشيوخِ أو شبانِ
- وأوى اليتيمُ لجدِهِّ وبعزةٍ * جَدٌ يسود بمكةَ الغفرانِ
- إن جاءَ يجلسُ حيثُ شاءَ مهابةً * فقدومُهُ لسيادةِ الأكوانِ
- إن قالَ شيئاً أنصتوا وتعلقوا * بحديثهِ والكلُّ منهم دانِ
- ويدُ الردى تُردي قلوبَ أحبةٍ * فإذا الدموع بحرقةِ النيرانِ
- فالجد أمسى في التراب ممداً * واليتمُ يطعنُ سيدَ الغلمانِ
- أفكلما يأوي اليتيمُ لدوحةٍ * ذهبتْ سدى والغوثُ للديانِ
- من كان يبحثُ في الترابِ معونةً * تَبَّتْ يداه وباء بالخذلانِ
- فالأرضُ يملكها الذي بقضائِهِ * صارَ الترابُ ومن عليها فانِ
- والعمُّ يفتحُ دارَهُ وفؤادَهُ * حتى غدا كالدمِّ في الشريانِ
- بإرادةٍ لا بدَّ أن تعلو يدٌ * نبويةٌ مع كثرةِ الصبيانِ
- ولحكمةٍ يُعْيي النُهى مكنُونها * صارَ الفتى يرعى مع الرُعيانِ
- ما مِنْ رسولٍ للسما إلا رعى * شَرُفَ الرعاةُ بأحمدَ النوراني
- مهما جمعتَ من الدُنى ومتاعِها * يبقى الرعاةُ لزينةِ الأوطانِ
- أمنٌ وصدقٌ لا تَكَلُّفَ فيهما * فَهُمَا السليقةُ لا تَقُلْ خلقانِ
- الصدقُ زينةُ كلِ من وطئ الثرى * ومحمدٌ للصدق كالزيانِ
- فخصاله تعلو الذُرى وجميعها * بمحمدٍ كالكحلِ للأجفانِ
- ولقد مضى مع عمه في رحلةٍ * فالأرضُ تحرسُ والسما بأمانِ
- نَشَقَ البحيرا نفحةً علويةً * ذا مصطفى لا بد من برهانِ
- لما دنا عرفَ البحيرا وجهَهُ * عَرَضَ المسيرَ مُرَحباً ضيفاني
- سأل البحيرا عن أبيهِ وجدِهِ * ابني أنا يا سائلَ الرُهبانِ
- عودوا به قبل الضواري والردى * هذا يتيمٌ ماله أبوانٍ
- وغدا يتاجرُ بالقليل ويكتفي * حتى غدا أعجوبةَ الركبانِ
- ما باع قوماً واشترى إلا حَدَوْا * أمثالُه لم تَسمعِالأذنانِ
- سمعتْ خديجةُ بالأمينِ فبادرتْ * اعمل لنا ‘ ربُّ السما أعطاني
- قد أرسلتْ مَعَهُ الغلامَ يُعينه * أموالُها يُعْنى بها اثنانِ
- عادَ الغلامُ مع النبيِّ بدهشةٍ * يشدو خديجةَ ما رأتْ عينانِ
- طيبُ الحديثِ يشدُّها نحو الهدى * حتى غدتْ مأسورةَ الرحمنِ
- ذاتُ التُّقى ووجيهةٌ في قومها * وحسيبةٌ مخطوبةُ الفرسانِ
- تُعْلي أكفاً للسماءِ تضرعاً * فمحمدٌ متقدمٌ بأوانِ
- ذهبَ النبيُّ مشاوراً أعمامَهُ* فهو الوفاءُ يفيضُ بالعرفانِ
- قمرُ السماءِ قد اكتسى بِجواهرٍ * فمحمدٌ وخديجةٌ زوجانِ
- فتقاطعتْ شهُبُ السماءِ لتحتفي * بضفائرٍ وذوائبٍ لجنانِ
- كلُّ السعادةِ والرضا في منزلٍ * بيتُ السما و الأمن والإيمانِ
79.عند البناءِ تنازعوا حَجَرَ العلا * فيعيدُهُ ابنُ الخليل الثاني
- والكفرُ مشلولُ القوى لا يهتدي * لهديةٍ من جنةِ الأجنانِ
- حتى إذا قرُبَ الهدى بضيائهُ * يخلو النبيُ بنفسه بتفانِ
- متفكراً بين الجبال وزاهداً * غار الحراء ملاذه الإيماني
- حتى إذا جنحَ الدجى لجبالها * لبس الضيا والنور للسودانِ
- ملآى السماءُ أسنةٌ للمعتدي * والإنسُ تهوى قربه كالجان
ِ85. ومحمد يُعلي الأكفَ بليلةٍ * فرديةٍ في العشر من رمضانِ
- قدر بقدرٍ لا أخالك مدركاً * وحيُ السما قد جاءَ للإعلانِ
- جاء البشيرُ بمعجزٍ يهدي الورى * إن طبقوا يأتيهمُ الفوزانِ
- آياتُهُ نَعْلو بها فوقَ الذُّرى * إعجازُهُ لا ينقضي بزمانِ
- في الهندِ أو في الصينِ أو بجزيرةٍ * في الغربِ والمكسيكِ والبلقانِ
- الكفرُ دوماً ينزوي متراجعاً * مستسلماً من هيبةِ القرآنِ
- اقرأ محمدُ شاكراً ربَ الورى * من ربنا جئناك بالبرهانِ
- ما كانَ يقرأُ قبلها وببرهةٍ * جلستْ خديجةُ جَنبَه بحنانِ
- والله لن تُؤذَى بها يا قدوةً * كن واثقاً يا مطعمَ الجوعانِ
- أنت الذي تعطي المقلِّ على طوى * متبسماً يا مؤنسَ الحيرانِ
- انهض محمدُ فابن عمي عالمٌ * كُتُبَ الذي سبقوك في الميدانِ
- لا تبتئسْ هذا النموسُ وقد أتى*موسى الكليمَ بصادقِ التبيانِ
- إن كنتُ حياً حينها فمناصرٌ * لنبيّهِ حربٌ على الشيطانِ
98.فسيخرجونك صانعينَ حماقةً * ما مِنْ هُدى ويظلُ في الأوطانِ
- سراً بدا يدعو النبي لدينهِ * فخديجةُ الأولى على النسوانِ
- ومن الرجالِ صَدِيقُهُ هو أولٌ * أما عليُ فسابقُ الصبيانِ
101.ثم استزاد بقوةٍ عُمَريةٍ * أو كابن عفانَ الكريم الداني
102.علمتْ قريشُ بدينهم فتعاهدوا * للصدِّ عنه بقوة السلطانِ
- قتلوا سمية آثمين وزوجَها * من كفرهم لم يهتدوا ببيانِ
- جلدوا بلالَ وغيره بفظاظةٍ * أحدٌ تصمُ مسامع الآذانِ
- فرعونُهم آذى النبيَ المصطفى * وبلطمةٍ فتراه كالفئرانِ
- صبر النبيُّ وصحبُه لم ينثنوا * رغم الأسى والضر والعدوانِ
- خذ ما تشاءُ من الدنى متباعداً * عن ديننا دعنا مع الأوثانِ
- ما كان يتركُ دينَه حتى الردى *لو في يدٍ قد جاءت الشمسانِ
- وقتٌ طويلٌ ينقضي برسالةٍ * كمنارةٍ بالسر والكتمانِ
- اجهر محمدُ لا تُضِيركَ شدةٌ * معك الإلهُ وسيدُ الأديانِ
- ما كانَ يوماً آثماً بدنيةٍ * بل خاضعاً لإرادةِ الديانِ
- تباً لنا إن لم يكن أولى لنا * من روحنا وقلوبنا الصوانِ
- حصرٌ وضيقٌ للنبي وصحبه * ما صدَهم عن دعوة الفرقانِ
- أمرَ النبي صحابه ليهاجروا * إن النجاشيَ صادقُ الإيمانِ
- حتى ولو طالَ السرورُ سينقضي * يأتي الأسى لتعيشَ في الأحزانِ
- ترضىْ إذا جاء السرور بيومه * أما الأسى يأتيك في أزمانِ
- بدرٌ يوارى في التراب بحرقةٍ * فخديجةُ المحزومةُ الأكفانِ
- الحزنُ يفطرُ قلبه متحدياً * جد الأسى إن ناخ بالأشجانِ
- يومٌ جديدٌ من أسى ويدُ الردى * جبارةٌ وقد اختفى الجبلانِ
- فالعمُ ولى والعيونُ هطولةٌ * والهمُ أمسى فاتحَ الخزان
- الأرضُ تدبرُ للورى لم تعطهمْ * قطميرةً لمعونةِ القُطانِ
- ومحمدٌ يومَ السرى يطوي الدنى * سَعُد البراق بأحمدَ الرُبانِ
- والقدس تهمسُ في السماءِ لنفسها * من أي نجمٍ أرتدي فستاني
- حتى إذا جاء النبيُ جبالها * خفِضت لَهُ بمحبةٍ وحنانِ
- الله أحيا كل صاحبِ دعوةٍ * ليقلدوكَ سيادةَ الاكوانِ
- صلُّوا وراءك كلُهم من آدمٍ * حتى المسيحُ وصاحبُ الطوفانِ
- ورقيتَ ما لا يرتقَى من كائنٍ *ورأيت ما لا تبصرُ العينانِ
- وعَلمتَ ما لا ينبغي لمقربٍ * وسمعت ما لا تسمعُ الأذنانِ
- مد الجليل حبيبه بهديةٍ* صلةً به من بعدِ كل أذانِ
- ما من هدايا مثلها فبسجدةٍ * مرضيةٍ فتفوز بالرضوانِ
- لولا الصلاةُ لربنا مفروضةً * ما كان يهنأ في الورى الثقلانِ
- كفرتْ قريشُ وكذبوا بحديثهِ * بئس النهى ما صدقوا ببيانِ
- حسدٌ يموجُ بشدةٍ ولنصرةٍ * خرج النبي يلوذُ بالأعوانِ
- طردوا النبيَّ بخسةٍ في طائفٍ * بحجارةٍ قد سالت القدمانِ
- ورأى النبي كهجرةٍ في نومه * وببيعةٍ أعطوه كلَّ ضمانِ
- وغدا الرجالُ يهاجرون بسرعةٍ * نحو المدينةِ دونما إعلانِ
- جُمع الأكابرُ في قريش لندوةٍ * وحمايةٍ تنجى من الطوفانِ
- متنكراً جاء اللعين مناصراً * لجهالةٍ وغوايةِ الإنسانِ
- نفيٌ له من أرضنا فأجابهم* هو عائدٌ ليطيحَ بالأوثانِ
- سجنٌ وضرٌ والأذى لمحمدٍ * هو ساحرٌ والسحرُ في القرآنِ
- كيف السبيلُ لوقفه يا شيخنا * فبضربةٍ من أشجع الشجعانِ
- دمه يفرق بينهم وليأخذوا * ديةً لهم ولتنعموا بأمانِ
- صاحوا معا رأيٌ سديدٌ نافذٌ * وببابه ملؤوه بالفرسانِ
- خرج النبي معفراً لوجوههم * مستوثقاً بهزيمة الشيطانِ
- نحو المدينة قاصداً برفيقهِ * وابن الأريقط عارفٌ متفانِ
- ما في الفراش سوى الفتى فتقدموا * قبل الوصول لنصرة الأعوانِ
- وبغار ثورٍ قد توارى مدةً * فُقِدَ الهُدى لم يُبْصَرِ الرجلانِ
- لما دنوا ما رف جفنُ المصطفى * من خشيةٍ أو فارسٍ طَعّانِ
- عادت قريشُ وما جنوا إلا ضنى * عضوا الأنامل حسرةً بهوانِ
- إبلاً يريدُ سراقةٌ وقد اكتوى * عُدْ مسرعاً سيجيئك السُوَرانِ
- نورٌ بمسكٍ للمدينةِ قد أتى * متعاظماً ولنورهِ نورانِ
- همس اليهودُ لبعضهم والله لا * خرفٌ ولا بالعينِ من حولانِ
- هذا عبيرُ نبوةٍ يا ويلنا * نور العلا لم يختلف إثنانِ
- نخل المدينة قد عَلَا بزواهرٍ * قدسيةٍ وثماره متدانِ
- إذ بالمدينةَ ليلها كنهارنا * فإذا انقضى فلصبحها شمسانِ
- شمسٌ تعين على المعيشِ بعفةٍ * وجوارها لسماحةٍ وحنانِ
- الأوسُ صارت خزرجٌ من بعد ما * جرت الدما من حربةٍ وسنانِ
- وغدا المهاجرُ لا يرى إعراضةً * طوبى لهم قد أحسنَ السعدانِ
- إن المدينةَ دولةٌ يقضي بها * خيرُ الورىبالقسط والفرقانِ
- سكن النبي بمسجدٍ لا مثله * بعد العتيقِ بكفةِ الميزانِ
- أممٌ تتوق دخوله من لهفةٍ * لترابه أو ما وطى القدمانِ
- هذا يبلل لحيةً ذا غارقٌ * بدعائهِ في عالم النسيانِ
- ذا راكعٌ أو ساجدٌ ذا سائلٌ * ربَ العُلا متورم السيقانِ
- من جنةٍ اللهُ أهبطَ روضةً * عند اللُقا لا طَرْفَ للأجفانِ
- فلربَّ عينٍ قد ترى ما لا يُرى * عند السلام وهجرة الأذهانِ
166, يا باكياً عينُ الحصير عليلةٌ * من شوقها ولشدة السيلانِ
- خرج النبي وصحبه لغنيمةٍ * فتباعدتْ وقد التقى الجيشانِ
- جيشٌ عرمرمُ فاخرٌ وأقلةٌ * بعقيدةٍ شجعان في الميدانِ
- في يوم بدرٍ للملائكِ هيبةٌ * تردي رؤوس الكفر والطغيانِ
- ذو الجهلِ أضحى غارقاً بدمائهِ * كأُميةٍ وتدحرجَ الرأسانِ
- تنعى قريشُ سيادةً مسلوبةً * مع فقدها للأُنسِ بالفتيانِ
- فتقدموا للثأرِ ثم تقهقروا * ذاقوا الردى من شدةٍ وهوانِ
- بعض الصحابةِ خالفوا فتوسدوا * بهزيمةٍ مسودة الأردانِ
- وحشيُ قد غالَ الغضنفرَ خلسةً * حتى النبيُ يصابَ بالأسنانِ
- من طاع أمر محمدٍ فلقد عَلَا * في عاجلٍ وسعادةٍ بجنانِ
- من لم يطع أمر النبي فقد هوى * فإذا قضى قد باءَ بالخسرانِ
- صلحٌ حكيمٌ في الحديبِ لدعوةٍ * فتنكروا من نزغةِ الشيطانِ
- جمع النبي ليوم فتحٍ بعد ما * عز الوفا لابد من سلطانِ
- نظرتْ قريش إذا الرجال تحلقوا * من كل صوبٍ جيء بالركبانِ
- خرجوا جميعاً آملين سماحةً * ما كان قطُ بظالمٍ خوانِ
- ما ظنكم بمحمدٍ يقضي بكم * أنت الكريم أصالةً والحاني
- بشرى لكم بشفاعةٍ وسماحةٍ * طُلقاء فامضوا كلكم إخواني
- فإذا الوجوه ضحوكةٌ ومنيرةٌ * نعم النبي ورحمة الرحمنِ
- اللهُ أكبرُ قد علا صوتُ الهدى * فإذا بلال يبوحُ للآذانِ
- هبلٌ هوى واللاتَ أيضاً حطموا * حَرَمُ الإلهِ لمسلمٍ ديانِ
- حنَ النبيُ لطيبةٍ ولطيبها * ومحمدٌ في قلبها الولهانِ
- في القلبِ أنتِ عزيزةٌ يا موطني * يا قبلتي يا مكة القربانِ
- يا معشر الأنصار يا أهل التقى * لكم الهوى والوجد بالوجدانِ
- فإلى المدنيةِ قد مضى ودياره * من حزنها مطبوقة الأجفانِ
- سدرُ المدينة قد دنا ببشارةٍ * متأملاً لو مسحةً بحنانِ
- والتمر فيها قد نما متشوقاً * لأكفهِ ونفائس الأسنانِ
- وبفطرةٍ فعل اليهود خيانةً * فتآمروا بالسوء للإحسانِ
- أرض السماحة والكرامة والوفا * بلد النبي ودرة الأوطانِ
- بعث النبي رسائلاً أن أسلِموا * فستَسْلموا للفرسِ والرومانِ
- حتى غدت برسولها أمَّ الدُنى * ومهابةً ومتينةَ الأركانِ
- والدين أصبح شامخاً لا ينثني * حتى تلا للنصرِ في القرآنِ
- قرأ الصحابةُ نعيَهُ لنبيهِ * ما خيلوا أن تسبلَ العينانِ
- أوجعتني يا سيدي حتى أنا * ما خالَ لي أن القضا متدانِ
- فالبدرُ أسودُ والنجومُ ظُلامةٌ * وتخبطوا كتخبط العميان
- حُمى تلف محمداً وكأنها * موقودةٌ في سيد الشجعانِ
- تفديك روحي سيدي وجعٌ لنا * ومحمدٌ قد جاءَهُ الضِعّْفانِ
- ناجته فاطمُ والعيونُ غزيرةٌ * يا مهجتي فأفاقَ من غشيانِ
- يا زهرةً ربٌ يخيرُ عبدَهُ * فاختارَ جيرة ربهِ الرحمنِ
- سِرٌ إليها وحدها وبشارةٌ * فتبسمت والسرُ في الكتمانِ
- الناس فوق الأرضِ أو في بطنها * ومحمدٌ رمانةُ الميزانِ
- أما النبوة في الورى فقد انقضت * ويظل يسمو معجزُ الديانِ
- هو للحياةِ وللنجاةِ وخالدٌ * فيه الشفا أكسو به ميزاني
- صلوا عليه وآلهِ ملء الدنى * إن الصلاةَ حقيقةُ الإيمانِ
- ثم الصلاة لصحبه ولأربعٍ * سادوا الدنى بالعدل والإحسانِ
- صِدِّيقَهُ وصديقهُ فاروقنا * وعلى الحييِّ وجامع القرآنِ
- ثم الصلاة على عليِ المرتضى * فبجهدهم ما شاد من بنيانِ
- أما أنا فمظنتي في خالقي * مأمولةٌ باليسرِ والغفرانِ
- والله أعظم من محاسبة الذي * يبكي أسىً مستغفر الوجدانِ
- مولاي إني قد عرفتكَ منعماً * نعماءَ تحيي رمة الأبدان
- وقد استبقتُ بدعوةٍ مستبشراً * بإجابةٍ للواحدٍ المنانِ
- علّي أفوز برحمةٍ أوقى بها * حر السعير ومن حميمٍ آنِ
217, وشفاعةٍ من سيدي أسقى بها * من حوضهِ والكوثر الريانِ
- وإلى هنا أكملتها ولعلني*مستدركٌ ما ليس في الحُسبانِ
- أبياتها بالمصطفى مزدانةٌ * عشرون يأتي قبلها المائتانِ
- ميمونةٌ نورٌ خطاها كونها * مكحولةً من سيرة العدنان